الخميس، 13 يناير 2011

حسن الخاتمة .. اللهم احسن خاتمتنا


قصة عجيبة .. حدثني بها زوج هذه المرأة ..
القصة لشابة في الثلاثة والثلاثين من عمرها .. وقد حدثت في عام 1418 هـ كما يحدثني زوجها بذلك ..
لا أكتمكم سراً إذا قلت لكم لقد والله ضاقت عليّ حروف اللغة على سعة معانيها حال كتابة هذه القصة .. التي أحسست أنني أكتبها باندفاع .. وأقولها الآن باندفاع ..
يقول زوجها : زوجتي لها في الخير سهم .. تعيش هم الدعوة إلى الله تعالى .. حتى كان همها أن تنطلق إلى الدعوة إلى الله تعالى خارج أرض المملكة .. وأنا بحمد الله تعالى أعيش هذا الهم ..
اتفقت أنا وهي على الخروج إلى الدعوة .. لمدة شهر وقد تزيد على ذلك ..
في ذلك اليوم .. كانت تتكلم عن الدعوة بشوق وحماس .. كانت هذه عادتها .. لكنني لاحظت عليها في ذلك اليوم مزيد اهتمام .. وفجأة .. بدأت توصينا على الأولاد .. وفي تلك الليلة أحسّت بتعب .. ذهبت بها أثر ذلك إلى المستشفى .. ثم تم تنويمها لإجراء الفحوصات ..
الفحوصات تثبت أن كل شي سليم .. وكان دخولها للمستشفى في ليلة الثلاثاء ..
من الغد أي يوم الأربعاء والأمر لا يدعوا إلى القلق .. لكن من معها في الغرفة يسمعنها كثيراً تردد قول الله تعالى {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28
وفي يوم الخميس .. وبعدما صلّت صلاة الضحى .. اتصلت علي تطلب مني أن أسامحها إن كان بدر منها تقصير .. تذكر ذلك وهي تردد الشهادة كثيراً ..
ذهبت إلى المستشفى مسرعاً .. وكان الوقت ضحى ولا يسمح بالزيارة في ذلك الوقت .. فاتصلت عليها من صالة الانتظار .. وإذا هي تردد الشهادة ثم تقول لا إله إلا الله .. إن للموت سكرات .. أشهد أن الموت حق .. وأن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة حق وأن النبيون حق ..
أغلقت سماعة الهاتف على أثر ذلك .. وحاولت بالمسؤولين مرة أخرى .. لكنهم رفضوا أن أقوم بزيارتها ..
طلبتُ الطبيب .. فقال زوجتك ليس فيها شي .. لكنها تحتاج إلى تحويلها إلى مستشفى الصحة النفسية .. فلأول مرة كما يقول الطبيب امرأة تكون في سكرات الموت وتقول هذا الكلام !! .. زوجتك ليس فيها شي ..
يقول زوجها .. في أثناء حديثي مع الطبيب فاضت روحها .. بعدما تلت قوله تعالى {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28
ثم نطقت بالشهادة .. فتوفيت رحمها الله تعالى كما تذكر النسوة الجالسات معها ..
يقول زوجها : رؤيا فيها بحمد الله تعالى منامات كثيرة .. وتكاد تتفق الرؤى أنها في قصر فسيح .. وعليها ثوب أخضر .. بحالة طيبة وحالة حسنة ..

وجاءت سكرة الموت بالحق


كان باراً بإمه ، وبعد وفاة أبيه كان هو العائل الوحيد لأسرته .. قال على إخوته اليتامى فأحسن تربيتهم ، وملأ البيت حباً وعطفاً وحناناً .. أ؛بته أمه حباً شديداً فجعلت من إخوته خدماً له .. تقف أخته الصغرى عند الباب لاستقباله ونزع حذائه ، بينما يبتسم الجميع فرحاً بقدومه .
وتمضي الأعوام ، ويكبر الإخوة ، ويفكر عبد الله بالزوج لإكمال نصف دينه ، فيستشير والدته ، وتُسَرُّ بذلك ، وتختار له فتاة ذات مال وجمال .. لكنها تفتقر إلى الآداب الإسلامية .. غنية بمالها وجمالها ، فقيرة في دينها وخُلُقها ..
لقد نسيت تلك الأم أن الجمال الحقيقي هو جمال الروح والخُلُق .. لإجمال الصورة والمنظر ، كما نسيت وصية المصطفى صىل الله عليه وسلم ك " فاظفر بذات الدين تربت يداك " .
وتزوج عبد الله ، كلنه سرعان ما انقلب رأساً على عقب .. فقد عصّته زوجته الجميلة على أمه ، فأطاعها وعق أمه وأصبح مخلوقاً آخر فما هو بالذي كانت تعرف ..
ولم تكن زوجته الحسناء خضراء الدمن ( ) بأحسن حال منه ، فقد كانت هي الأخرى عاقه بوالديها اللذين ربما بخلت عليهما بحساء ساخن في أيام الشتاء الباردة .
وتمضي الأيام .. وتحصل هذه الزوجة على ترقية عالية في عملها ، فتقيم احتفالاً بهذه المناسبة في أفخم فندق من فنادق المدينة دعت إليه خواص زميلاتها اللاتي يماثلنها في الثراء أو يتظاهرن بذلك .. وأردت أن يكون احتفالاً متميزاً يسمع به القاصي والداني ، فاستقدمت له فرقة موسيقية بعشرات الآلاف من الريالات .
وبعد ليلة صاخبة أُنفق فيها الكثير ، عادت إلي بيتها ، وألقت بنفسها على فراشها الوثير .. وفجأة ... صرخت بأعلى صوتها : عبد الله ...عبد الله ... النار .. النار ... تحرقني .. أحسُّ بأظافر من حديد تنهش جسمي .. وتكرر ذلك على زوجها : عبد الله .. النار .. النار .. ولم يكن زوجها يرى ناراً ، ولكنه ذهب مسرعاً وأحضر ماءً بارداً وصبه عليها ، فما زادت إلا صراخاً ، ولا النار إلا توهجاً في جسمها ، وما هي – والله بنار ، ولكنها سكرات الموت : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيدُ ) [ سورة ق : ] ( )
ولعلها كانت بداية لعذاب الآخرة جزاء ما اقترفته من معاص وآثام .
وبعد ساعة من الصراخ والعذاب والألم لفظت أنفاسها الأخيرة على فراشها الوثير مودعة هذه الدنيا على عالم النسيان . أين جاهُها الذي احتفلت من أجله ؟
أين مالها الذي أنفقته في البذخ والإسراف واللهو والغناء ؟ ..
أين جمالها الذي كانت تفخر به ؟
أين وأين وأين .. لقد انتهى كلُ ذلك ولم يبق إلا العمل ..
يا من بدنياه اشتغل قد غره طول الأمل
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى ليملي للظالم ، حتى إذا أخذه لم يفلته " متفق عليه .

صبر .. أم ..فقدت أعز أبنائها !!!


امرأه توفي عنها زوجها ولديها 5 أولاد و3 بنات في حادث سيارة أليم
وأكبر أولادها لم يزل في المرحلة الابتدائية وكانت احوالهم المادية سيئة للغاية فقد كانت تسكن في قرية نائيه جدا عن العمران ولا توجد لديهم اي وسيلة مواصلات وكان التقاعد الذي تصرفه هذه المرأه على ابناءها ال9 مبلغا جدا زهيد...

فكانت هذه المرأه تقطع المسافات البعيده على رجليها لا حضار اي شيء من المدينه برفقه احد اولادها الصغار ...تقدم لخطبتها الكثيرون لكنها رفضت وآثرت قول الرسول عليه الصلاة والسلام (انا وكافل اليتيم كهاتين)...؟
امراة معروفة بتدينها فربت اولادها وانشأتهم نشأة دينيه وكانت تهون عليهم ماهم فيه من ضنك العيش بأحاديثها عن الاخره وما اعد الله للصابرين فيها فتصبر نفسها واولادها بما وعدالله؟
الذي يحدثكم الان هو الابن الرابع لهذه الام ...نعم فأنا فخور جدا بأمي ...ولما علم من صبر هذه الام وتجلدها على الحياه ..قال لي احد الاشخاص والله العظيم لو كانت هذه امي لنسبت اسمي اليها مفتخرا بها؟
كانت والله لنا هي الام والاب فهي تقوم بكل اعمال البيت في الداخل من تنظيف وطبخ وحنان الامومه مع قسوة الايام؟
وتشترى لنا حاجاتنا من السوق على رجليها فتصل وهي منهكه
فنكمل والله باقي شوؤن المنزل ؟ وهي محدثتنا وشيختنا ؟وهي كل اقاربنا بعد ماتخلى عنا معظم اقاربنا حتى شقيق ابي الوحيد الذي لم يكن يسأل عنا بحجة رفض امي الزواج منه؟
لقد ثمن الله تعب هذه المرأه وكبرنا انا واخواني والحمدلله ومن الله علينا بوظائف .وانتقلنا جميعا الى الرياض...لااربد ان اطيل عليكم فوالله لو كتبت الف صفحه اشرح فيها معاناة امي مع هذه الحياه لن اوفيها حقها؟
ولكن سأذكر لكم احدى قصصها عندما توفي ابنها الذي يصغرني
ب3سنين وهذه الحادثه قبل سنين قليله ...ابدا واقول...
غاب اخي عن المنزل بضعة ايام وكان عمره مايقارب 22 سنه وكان احب شخص في البيت لامي؟
بحثنا عنه في كل مكان فلم نجده وبلغنا عنه قسم الشرطه وامي ماتزال في دعاء لله عز وجل....وذات يوم ذهبت الى البيت وانا خارج من العمل فوجدت اخي واقف على الباب ينتظرني وهو في حاله خوف شديده وقال اتاني هاتف من شرطة (خريص ) وقال احضر فورا ..؟ على الفور أخذته وذهبنا مسرعين الى ذللك القسم وأخذنا مايقارب الساعتين في الطريق .... وعندما وصلنا وجدنا سيارة اخي واقفة عند باب الشرطه سليمه وليس فيها اي خدش وعندها تضاحكنا انا واخي فرحا وظننا بان اخي ربما كان مخالفا لانظمه المروروانه في التوقيف؟.....
ولكن الخبر جاءنا كالصاعقه عندما علمنا بأن اخي اوقف سيارته على جانب الطريق وقطع الشارع الى الناحية الاخرى لا ندري لم ؟ وعند عودته فاجأته سياره نقل كبيره (تريله)لتدهسه تحت عجلاتها....بكيت انا وأخي كثيرا هناك ولكن تهدئه رجال الامن لنا هي التي جعلتنا نكتم غيضنا ونكمل باقي الاوراق واخبرونا ان الجثه في مستشفى الملك فهد بالاحساء؟
عدنا الى البيت ونحن نتساءل كيف سنخبر امنا بالخبر وهذا اخونا(علي) ونحن نعلم مقدار حب امنا له ...؟ ولكن اشار علي اخي ان نذهب الى احدى خالاتنا وناخذها معنا لكي تمسكها اذا ناحت اواغمي عليها .. وفعلا اخذنا خالتنا معنا واخبرناها الخبر في السياره فبكت فاجبرناها ان تكتم دموعها وان لاتظهر الهلع امامها فيشتد حزنها فقبلت ذلك... ومن شدة خوفي ولااريد ان ارى امي في هذا المنظر ..نزلت خالتي وذهبت الى ابن خالتي في البيت
وماهي الا دقائق حتى اتاني زوج خالتي وخالتي واخي وكانت امي معهم .... فسألت زوج خالتي كيف امي كيف تحملت الخبر
هل ...اصابها مكروه...هل...وانا ابكي؟؟؟
فقال لي امك معنا افضلنا نفسا واهدأنا حالا ..وتذكرنا بالله ...
هي افضل منك بكثير ايها الرجل؟
فانطلقت الى السياره وانا غير مصدق ...ففتحت الباب وانا اقول امي كيفك كيف حالك؟ فاذا هي مبتسمه راضيه بقضاء الله وقدره
ثابتة كالطود الشامخ ...كما عهدتها منذ صغري لديها من اليقين بالله مايهون عليها مصائب الدنيا ....؟ مازالت تذكرنى بالله وتقول
انه امانه واخذالله امانته ...؟واصبحت تهدأنا كلنا ووالله مارأيت في عينيها دمعة واحده بل تضحك ...وتشكر الله ؟
فقلت ياامي لقد مات علي مدهوسا ..الى اين انتم ذاهبون لا استطيع ان اتخيل انه مات فكيف تريدوني ان اراه وهو اشلاء
فقالت ياولدي لا تخف فسوف اكون بجانبك.......؟؟؟
ياالله اي امرأه هذه اي محتسبة هذه ..اي جبل هذا الذي استند اليه؟؟؟
الان ولان فقط عرفت هذه السيده ..فوالله انها هي التي تصبرنا...وتصبر خالتي وزوجها .. وأخي الاكبر في ابنها؟؟؟
الان مسحت دموعي واستحييت من ربي ومن نفسي؟؟
الى الان والله لم اذكر لكم اي شي من القصه.....اسمعو..
كنت في الطريق اسال نفسي ياترى اتراها تصطنع ذلك ..ماذا ستفعل اذا جد الموقف ونحن نرى الجثه في ثلاجة الموتى ؟
دجلنا المستشفى وذهبنا الى ثلاجة الموتى وكان معنا عمي وخالي ...ذهبنا سويا الى الجثه وانا اترنح في مشيتي وهي بقربي كالطود الشامخ...؟ اخرجو الجثه انزلوها على الارض وقال العامل هناك افتحوها وتأكدومنها والله ماستطاع احد ان يقترب لكي يفكها ؟
اقتربت امي منها كما عهدتها تستغفر له وتسبح وتدعو له بالرحمه قال لها اخوها ما تريدين ان تفعلي واراد اخراجها وقال لن تتحملي المنظر لم ترد عليه وما زالت في ذكرها مع الله وتفتح الاكفان عليه وابعدت كل ماعليه وتقلبه يمينا ويسارا وتدعوله بالرحمه ووالله اننا كلنا متأخرين عنها خائفين مذهولين حتى الشخص العامل هناك سألنا ماتصير له هذه المرأه فأخبرناه انها امه فلم يصدق ...وقبلته بين عينيه ودعت له ثم ارجعت غطاءه واخذت ملابسه في كيس وهي تحمد الله وتشكره ووالله مارأيت في عينيها دمعه..؟
وذهبت الى السياره وجلست في مقعدها تنظر الى ملابسه تشكر الله وتحمده وتدعولولدها.....
وبعد ايام والله على مااقول شهيد
سمعت كأن ابنها يناديها من تحت قلبها وهي جالسة في اليقظه ويقول ياامي ان الملائكه تتسابق لكي تراني واسمهم يقولون اين ابن الصابره اين ابن المحتسبه والله لوكنت عندك ياامي لقبلت اقدامك.....

الأحد، 2 يناير 2011

نصف ساعة في القبر...

 

من رآني سيقول عني:


هذا أكيد مجنون .. ‏ أو أن لديه مصيبة .. ‏ والحق أن لدي مصيبة كبيرة,


أي شخص كان قد رآني متسلقا سور المقبرة في تلك الساعة من الليل كان ليقول هذا الكلام.
كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري رحمه الله انه كان لديه قبر في منزله
يرقد فيه, وإذا ما رقد فيه نادى (.. ‏ رب ارجعون رب ارجعون.. لعلي أعمل صالحاً) ‏ ثم يقوم منتفضاً ويقول: ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل؟
حدث أن فاتتني صلاة الفجر وهي صلاة لو دأب عليها المسلم لأحس بضيقة شديدة عندما تفوته طوال اليوم . ثم تكرر معي نفس الأمر في اليوم الثاني .. فقلت: لابد أن في الأمر شيء.. ‏ ثم تكررت للمرة الثالثة على التوالي ..هنا كان لابد من
الوقوف مع النفس وقفة حازمة لتأديبها حتى لا تركن لمثل هذه الأمور فتروح بي إلى النار .. قررت أن ادخل القبر حتى أؤدبها ... ‏ ولابد أن ترتدع وأن تعلم أن
هذا هو منزلها ومسكنها إلى ما يشاء الله ... ‏ وكل يوم أقول لنفسي دع هذا
الأمر غداً .. ‏ وجلست أسوف في هذا الأمر حتى فاتتني صلاة الفجر مرة أخرى ... ‏
حينها قلت كفى ... ‏وأقسمت أن يكون الأمر هذه الليلة
ذهبت بعد منتصف الليل .. ‏ حتى لا يراني أحد وتفكرت .. ‏ هل أدخل من الباب؟
‏حينها سأوقظ حارس المقبرة ... ‏ أو لعله غير موجود ... ‏ أم أتسور السور ..
‏ إن أيقظته لعله يقول لي تعال في الغد.. ‏ أو حتى يمنعني وحينها يضيع قسمي
.... ‏ فقررت أن أتسور السور .. ‏ ورفعت ثوبي وتلثمت بعمامتي واستعنت
بالله وصعدت, وبرغم أنني دخلت هذه المقبرة كثيرا كمشيع ... ‏ إلا أنني أحسست
أنني أراها لأول مرة .. ‏ ورغم أنها كانت ليلة مقمرة .. ‏ إلا أنني أكاد أقسم
أنني ما رأيت أشد منها سوادا ... ‏ تلك الليلة ... ‏ كانت ظلمة حالكة ... ‏
سكون رهيب .. ‏ هذا هو صمت القبور بحق
تأملتها كثيرا من أعلى السور .. ‏ واستنشقت هوائها.. ‏نعم إنها رائحة القبور
... ‏ أميزها من بين ألف رائحة ..‏رائحة الحنوط .. ‏ رائحة بها طعم الموت ‏الصافي وبنكهة الوحشة والوحدة.
... ‏ وجلست أتفكر للحظات مرت كالسنين .. ‏ إيييييه أيتها القبور .. ‏ ما أشد
صمتك .. ‏ وما أشد ما تخفينه .. ‏ ضحك ونعيم .. ‏ وصراخ وعذاب اليم ..‏
ماذا سيقول لي اهلك لو استطاعوا محادثتي ..‏ لعلهم سيقولون قولة الحبيب صلى الله عليه وسلم : (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم),
قررت أن أهبط حتى لا يراني أحد في هذه الحال .. ‏ فلو رآني أحد فإما سيقول
أنني مجنون وإما أن يقول لديه مصيبة .. ‏ وأي مصيبة بعد ضياع صلاة الفجر عدة
مرات .. ‏ وهبطت داخل المقبرة .. ‏ وأحسست حينها برجفة في القلب .. ‏
والتصقت بالجدار ولا أدري لماذا ؟؟ لكي أحتمي من ماذا ؟؟؟ عللت ذلك لنفسي بأنه خشية من المرور فوق القبور وانتهاكها ... ‏ نعم أنا لست جبانا ....




‏ أم لعلي شعرت بالخوف حقا !!!
نظرت إلى الناحية الشرقية والتي بها القبور المفتوحة والتي تنتظر ساكنيها .. ‏
إنها أشد بقع المقبرة سوادا وكأنها تناديني .. ‏ مشتاقة إليّ .. ‏ وبقيت أمشي
محاذرا بين القبور .. ‏ وكلما تجاوزت قبرا تساءلت .. ‏ أشقي أم سعيد ؟؟؟ شقي
بسبب ماذا ..‏أضيّع الصلاة .. ‏أم كان من أهل الهوى والغناء والطرب ..‏أم كان
من أهل الزنى .. ‏ لعل من تجاوزت قبره الآن كان يظن أنه أشد أهل الأرض قوة .. ‏
وأن شبابه لن يفنى .. ‏ وأنه لن يموت كمن مات قبله ..‏ أم أنه قال ما زال في
العمر بقية .. ‏


سبحان من قهر الخلق بالموت
أبصرت الممر ...‏ حتى إذا وصلت إليه ووضعت قدمي عليه أسرعت نبضات قلبي
فالقبورعن يميني ويساري .. ‏ وأنا ارفع نظري إلى الناحية الشرقية .. ‏ ثم بدأت
أولى خطواتي .. ‏ بدت وكأنها دهر .. ‏ أين سرعة قدمي .. ‏ ما أثقلهما الآن
.... ‏ تمنيت أن تطول المسافة ولا تنتهي أبدا .. ‏لأنني أعلم ما ينتظرني هناك ..
‏ اعلم ... ‏ فقد رأيته كثيرا .. ‏ ولكن هذه المرة مختلفة تماما أفكار عجيبة
... ‏ بل أكاد اسمع همهمة خلف أذني .. ‏ نعم ... ‏ اسمع همهمة جلية ... ‏
وكأن شخصا يتنفس خلف أذني .. ‏ خفت أن أنظر خلفي .. ‏ خفت أن أرى أشخاصا
يلوحون إليّ من بعيد .. ‏ خيالات سوداء تعجب من القادم في هذا الوقت ...‏
بالتأكيد أنها وسوسة من الشيطان , ولم يهمني شيء طالما أنني قد صليت العشاء في جماعه فلا يهمني,


... أخيرا أبصرت القبور المفتوحة ... ‏ أكاد اقسم للمرة الثانية
أنني ما رأيت اشد منها سوادا .. ‏ كيف أتتني الجرأة حتى أصل بخطواتي إلى هنا؟؟؟.. ‏ بل كيف سأنزل في هذا القبر؟؟؟ ‏وأي شيء ينتظرني في الأسفل .. ‏ فكرت بالاكتفاء بالوقوف.. ‏ وأن أكفر عن حلفي .. ‏ ولكن لا .. ‏ لن أصل إلى
هنا ثم أقف .. ‏ يجب أن أكمل .. ‏ ولكن لن أنزل إليه مباشرة ... ‏ بل سأجلس
خارجه قليلا حتى تأنس نفسي
ما أشد ظلمته .. ‏ وما أشد ضيقه .. ‏ كيف لهذه الحفرة الصغيرة أن تكون حفرة
من حفر النار أو روضة من رياض الجنة .. ‏ سبحان الله .. ‏ يبدوا ‏أن الجو قد
ازداد برودة .. ‏ أم هي قشعريرة في جسدي من هذا المنظر.. ‏ هل هذا صوت الريح؟
... ‏ لا أرى ذرة غبار في الهواء !!! هل هي وسوسة أخرى ؟؟؟ استعذت بالله من
الشيطان الرجيم .. ‏ ليس ريحا .. ‏ ثم أنزلت الشماغ )العمامة) ووضعته على الأرض ثم جلست
وقد ضممت ركبتي أمام صدري أتأمل هذا المشهد العجيب !!!! إنه المكان الذي لا مفر منه أبداً .. ‏


سبحان الله .. ‏ نسعى لكي نحصل على كل شيء .. ‏ وهذه هي النهاية
..لا شيء
كم تنازعنا في الدنيا .. ‏ اغتبنا .. ‏ تركنا الصلاة .. ‏ آثرنا الغناء على
القرآن .. ‏ والكارثة والمصيبة أننا نعلم أن هذا مصيرنا .. ‏ وأن الله قد حذرنا ونبهنا مرارا وتكرارا,


ورغم ذلك نتجاهل ..‏ ثم أشحت وجهي ناحية القبور وناديتهم بصوت خافت... ‏ وكأني خفت أن يرد عليّ أحدهم


فقلت: يا أهل القبور .. ‏ ما لكم .. ‏ أين أصواتكم .. ‏ أين أبناؤكم
عنكم اليوم .. ‏ أين أموالكم .. ‏ أين وأين .. ‏ كيف هو الحساب .. ‏
اخبروني عن ضمة القبر .. ‏ أتكسر الأضلاع ..‏ أخبروني عن منكر ونكير .. ‏
أخبروني عن حالكم مع الدود ... ‏ سبحان الله .. ‏ نستاء إذا قدم لنا أهلنا
طعام باردا أو لا يوافق شهيتنا .‏ واليوم نحن الطعام . لابد من النزول إلى القبر




قمت وتوكلت على الله ونزلت برجلي اليمين وافترشت شماغي أو عمامتي ووضعت رأسي .. ‏ وأنا أفكر .. ‏ ماذا لو انهال عليّ التراب فجأة .. ‏ ماذا لو ضمني القبر ضمة واحدة؟
‏ ثم نمت على ظهري وأغلقت عيني حتى تهدأ ضربات قلبي ... ‏ وحتى تخف
هذه الرجفة التي في الجسد ... ‏ ما أشده من موقف وأنا حي .. ‏ فكيف سيكون عند
الموت ؟؟؟
فكرت أن أنظر إلى اللحد .. ‏ هو بجانبي ... ‏ والله لا أعلم شيئا أشد منه
ظلمه .. ‏ ويا للعجب .. ‏ رغم أنه مسدود من الداخل إلا أنني أشعر بتيار من
الهواء البارد يأتي منه .. ‏ فهل هو هواء بارد أم هي برودة الخوف خفت أن انظر
إليه فأرى عينان تلمعان في الظلام وتنظران إلىّ بقسوة .. ‏ أو أن أرى وجها
شاحبا لرجل تكسوه علامات الموت ناظرا إلى الأعلى متجاهلا وجودي تماما .. ‏ أو كما سمعت من شيخ دفن العديد من الموتى أنه رأى رجلا جحظت عيناه بين يديه إلى الخارج وسال الدم من أنفه .. ‏ وكأنه ضُــرب بمطرقة من حديد لو نزلت على جبل لدكته لتركه الصلاة ... ‏ ومازال الشيخ يحلم بهذا المنظر كل يوم .. ‏


حينها قررت أن لا أنظر إلى اللحد ..‏ ليس بي من الشجاعة أن أخاطر وأرى أيا من هذه المناظر .. ‏ رغم علمي أن اللحد خاليا .. ‏ ولكن تكفي هذه الأفكار حتى أمتنع تماما وإن كنت استرق النظر إليه من طرف خفي كل لحظة ثم تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا إله إلا الله إن للموت سكرات
تخيلت جسدي يرتجف بقوه وانأ ارفع يدي محاولا إرجاع روحي وصراخ أهلي من حولي عاليا: أين الطبيب أين الطبيب هات الطبيب .
( فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين)
تخيلت الأصحاب يحملونني ويقولون لا إله إلا الله ... ‏ تخيلتهم يمشون بي سريعا
إلى القبر وتخيلت صديقا ... ‏ اعلم انه يحب أن يكون أول من ينزل إلى القبر ..
‏ تخيلته يحمل رأسي ويطالبهم بالرفق حتى لا أقع ويصرخ فيهم .. ‏ جهزوا الطوب .. ‏



تخيلت الكل يرش الماء على قبري .. ‏ تخيلت شيخنا يصيح
فيهم ادعوا لأخيكم فإنه الآن يُسأل .. ‏ أدعوا لأخيكم فإنه الآن يُسأل ثم رحلوا
وتركوني
وكأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادما قد ظهروا بأصوات مفزعة .. ‏ وأشكال
مخيفة .. ‏ لا مفر منهم ينادون بعضهم البعض .. ‏ أهو العبد العاصي؟؟؟ ‏فيقول
الآخر نعم ..‏ فيقول .. ‏ أمشيع متروك ... ‏ أم محمول ليس له مفر؟؟؟ فيقول
الآخر بل محمول إلينا ..‏ فيقول هلموا إليه حتى يعلم أن الله عزيز ذو انتقام..
رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين ...‏ ما غرك بربك الكريم حتى تنام
عن الفريضة ..‏ أحقير مثلك يعصى الجبار والرعد يسبح بحمده والملائكة من خيفته
... ‏ لا نجاة لك منا اليوم ...‏ أصرخ فليس لصراخك مجيب فجلست أصرخ:


رب ارجعون ..... رب ارجعون ,, لعلي أعمل صالحا
....... ‏ وكأني بصوت يهز القبر والسماوات , ويملأني يئسا ويقول

( كلاّ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون (

حتى بكيت ما شاء الله أن أبكي .. ‏ وقلت الحمد لله رب العالمين ... مازال
هناك فسحة ومتسع ووقت للتوبة


استغفر الله العظيم وأتوب إليه ثم قمت مكسورا ...‏ وقد عرفت
قدري وبان لي ضعفي وأخذت شماغي أو عمامتي وأزلت عنه ما بقى من تراب القبر وعدت وأنا أقول
سبحان من قهر الخلق بالموت .



خاتمة
من ظن أن هذه الآية لهوا وعبثا فليترك صلاته و ليفعل ما يشاء

)أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون )




وليلهو وليسوف في توبته .. فيوما قريبا سيُقتص منه
وويل لمن جعل أهون الناظرين إليه الواحد القهار ولم يبالي بتحذيره
ولم يبالي بعقوبته .. ولم يبالي بتخويفه
أسألكم بالله . أي شجاعة فيكم حتى لا تخيفكم هذه الآية



(ونخوفهم . فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا)

(ونخوفهم . فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا)

(ونخوفهم . فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا)


‏ألا هل بلغت .. ‏ اللهم فاشهد
) تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين(



اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة --- اللهم إنا نسألك الثبات و الستر يوم العرض عليك


و رحم الله المؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات